" رسالة ما بعد الفراق " بقلم الشاعر إسلام محمد الصغير
" رسالة ما بعد الفراق "
ذات مرة عرفت فتاة، تحدثنا كثيرًا، صداقتنا تطورت، اليوم كان لا يكتمل بالسعادة إلا إذا تحدثنا، بعد مرور أيام، بعد محادثة استمرت شهور، تغير الشعور، وتبدلت المشاعر، نبض قلبي، شعرت بأشياء لم تحدث لى من قبل، زاد الاهتمام بها، وزاد التعلق بذاتها، أدركت فى ذلك الوقت أن ذلك الشعور يختلف عن أى شعور سابق، إحساس غريب، مختلف تمامًا، لم أعتاد عليه، كانت إذا أتت رسالة منها، تتسارع ضربات قلبي، يزيد النبض، تتكاثر المشاعر، تعم الفرحة، يختفي الألم، أبحر فى عالم آخر، أبدأ فى الإنعزال عن البشر، لا أشغل تفكيري إلا بها، أنزع من قلبي كل شئ إلا هي، فكرت كثيرًا، ماذا حدث لي ؟!، منذ متى وأنا أحب الوحدة؟!، منذ متى وأنا أخلوا قلبي من كل شئ وأجعله ملك لشخص واحد فقط!!، أدركت فى ذلك الوقت أن ذلك الشعور هو الحب، الحب الحقيقي، الذى يقع فى القلب بدون مقدمات، حاولت أن أهزم ذلك الشعور، وأن أقنع نفسي أنه مجرد إعجاب تام بالشخص وسوف يذهب مع مرور الوقت، لكن لم أستطع، ولأول مرة قلبي ينبض مثل ذلك النبض، وعقلي يفكر كذلك ويخبرني أن أبوح لها بذلك الحب، أخبرها بذلك الشعور، أبوح لها بكل ما يوجد بداخلي، وما أشعر به تجاهها، عاندت قلبي وعقلي كثيرًا، لكن لم يستمر العناد طويلًا، وبعد تفكير عميق، لقد قمت بفتح المحادثة بيننا، كتبت لها رسالة طويلة، لقد قلت لها، " أحبكِ، قلبي ينبض بسماع اسمكِ، لا يشغل عقلي سوى التفكير بكِ، إن أتت رسالة منكِ، أصبح أسعد الناس، أنتِ بالنسبة إلىّ أغلى من الذهب والماس، أحبكِ، أريد منكِ شيئا واحدًا وهو القبول، أريد أن أكون الحبيب إليكِ، أريد منكِ أن تجعلينى فى قلبك مثلما جعلتكِ ملكة على قلبي تتحكمي فى نبضاته، تتحكمي فى فرحه وحزنه، فى كل شئ به حتى انهياره وصدماته" كانت إجابتها غير مفهومة فى ذلك الوقت، لم أجد القبول المباشر، كل ما قالته لي" إن أردت الوصول إلىّ، إدخل البيوت من أبوابها، إذهب إلى أبي واحصل علىّ" ذلك الرد زاد من حبي لها،ألزمني التمسك بها، أصبحت لا أرى غيرها، فهل يوجد مثلها؟!، قلت لها أنني أحببتك لذلك، لم أتفوه بكلمة تجرح شعوركِ، استمرت المحادثات، وزاد التعلق كثيرًا، حتى وجدت رسالة منها، تريد أن تنهي هذه العلاقة، قالت لن نتحدث ثانية، استمر فى طريقك، أكمل دراستك، وبعد ذلك إن كان يوجد نصيب إذهب إلى أبي، وقعت هذه الرسالة على قلبي كالصاعقة، حزنت كثيرا، أغلقت هاتفي لفترة، ثم قمت بفتحه مرة اخرى .
حزنت كثيراً، وتأسفتْ، وقالت لي، لن أتركك تحزن، سوف أتحدث معك مرة أخرى، رغم أنني أعلم أن ذلك صعب عليها وأنها فعلت ذلك لترضيني فقط ولا تجعلني فى حالة من الحزن والأسى، إلا أن هذه الرسالة، جعلت قلبي ينبض من جديد، عادت روحي إلى جسدي مرة أخرى، استمر الحديث بيننا لمدة ثلاثة أسابيع، كانوا أجمل أيام حياتي، لم تستمر الفرحة، ووقعت الواقعة، أتت رسالة أخرى تحمل كل الآلام إلى قلبي، قالت لي لن أغضب ربي، قالت لي، ذلك القرار نهائي بلا رجعة، لن يستمر ذلك الحديث، مهما فعلت ومهما وصل بك الشعور، هذه الرسالة رسالة تحطيم، كانت مثل السهم، ذلك السهم اخترق قلبي وهو يحمل كل معاني الألم، وبعد محاولات عديدة، وبكاء شديد قالت" سلام" .
الآن أخذتُ قراري، لن أنساها، ولن يدخل قلبي سواها، سأكمل مسيرتي، وأستمر فى دراستي، حتى أتخرج وأستعيد كل قوتي، وأذهب إلى بيت أبيها، وأطلب يديها، وأجعلها ملكي لا لغيري،
إن إنتظرتني، ستكون زوجتي على سنة النبى محمد صلى الله عليه وسلم .
مرت الأيام وأنا لا أعرف شيئًا عنها، حاولت الوصول إليها بمختلف الطرق لكن لم أجد، إعتقدت أنها تركتني ونسيت كل شيء، نسيت حبي لها، و وعودي إليها بأنني لن أفكر في غيرها، نسيت ليالي الحديث معًا، نسيت أيام الفرح والسرور، وأيضًا أيام الحزن والأسى.. فقدت الأمل، ودعوت ربي أن يرزقها الراحةَ الأبدية، ويجعلها من سعداء الدنيا والآخرة...
بعد مرور عامين.. استيقظت من نومي وجدت رسالة من رقمٍ مجهول!
" السلام عليكم.. طال البعاد، وازدادت المحبة، قد وعدتكَ أنني سأنتظرك، لم أنس ماضينا، لم أرَ غيرك، فلا يوجد مثلك، هل مازلت تنتظرني أيضًا؟!
هل تتقبل عودتي؟!
هل ستنفذ وعدك الآن وتأتي للزواج بي؟!
أحبك.. لا أتحمل البعاد أكثر..!
هل تقبلني؟! "
هذه الرسالة كانت عودة الروح إلى جسدي.. شِفاءً لِجراحي، أعادتني إلى الحياة مرة أخرى،
بدأت أكتب لها قائلا:
منذ أن أحببتكِ.. جعلت قلبي ملجئًا لكِ، تعانين من كل متاعب الحياة، تتألمين وتواجهين كل أنواع الخذلان، ثم تأتين لتستريحي بداخله، هل تسألين أتقبلك أم لا؟!
بالفعل أتقبلك..كنت أنتظرك، عانيت في بعدك، تحطم قلبي كل يومٍ كان ينزف دمًا فى غيابكِ، سوف أتزوجكِ الآن،
فرحت لتلك الرسالة فرحًا شديدًا، تحدثنا كثيرًا كيف واجهنا أيام الفراق؟!
وفى اليوم التالي.. أخبرت أبي أنني أريد الزواج من تلك الفتاة، فرح فرحًا شديدًا، ثم تحدث أبي إلى والدها وقاموا بتحديد موعد الزواج...
بعد مرور أسبوع أتىٰ موعد عقد القران، وذهبنا جميعًا إلى المأذون لكن لم تأتِ..!
سألت والدها أين العروسُ الجميلة؟!
أجابني قائلا أنها سوف تأتي فى الحال، كان يجب أن تكون هنا الآن، وفجأة يعلن هاتف الأب عن إتصال...
لـِ يجيب الأب قائلًا: السلام عليكم
فيتحدث المتصل: وعليكم السلام ورحمة الله، لقد اصطدمت سيارة ابنتك بعمود نور على الطريق، وتم نقلها إلى المشفى...
ذهبنا جميعًا إلى المشفى مُسرعين، وعند وصولنا كان الأجل قد حان، غادرت الحياة.. وانتقلت إلى رحمة الله، عم الحزن علينا.. تمزقت قلوبنا، واستمرت أعيننا فى البكاء، ثم جلستُ وحيدًا لا أتحدث، لم أصدق ما حدث، كيف غادرت قلبي في مثل هذا اليوم؟! كيف غادرت فى يومٍ يحلم به كل انسان؟!
كنا دائمًا نأمل أن نسمع " بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير، بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير"
ياله من يومٍ حزين، كيف أتحمل ذلك الألم..!
فَجراحي من ألمِ الفراق لم تُشفى بعد..! كيف لي الآن الهروب؟!
فتحت المحادثات فوجدت منها رسالة مزقت حاليَ أكثر " يا عزيزي، أكتب لكَ وأنا فى طريقي إليكَ وأعلم أنني لن أصل، لا أعرف ماذا يحدث؟!
لكني أعلم أن هذه الفرحة لن تكتمل، ولن يتم عَقد القران، أتمنى أن تعيش حياة سعيدة من بعدي، وأن يجعلك ربي من سعداء الدنيا والآخرة، لا أعرف لماذا أكتب إليك تلك الرسالة الآن، لكن إن قرأتها حينها سأكون قد فارقت الحياة" قمت بالرد وانا أعلم أنه لن يصل، ولن يأتيني جواب.. "إلى اللقاء حبيبتى".
تسلم♥
ردحذف